حكاية كل ساق سيسقي يوم ما
تخدمني وتبالغ في
اكرامي وكانك تعرفني او احد اقاربك وانا لم التق بك من قبل سوى مرة واحدة في المستشفى
من انت بالله عليك !
قال يا عم كل هيا كل وبعد العشاء اخبرك..
قلت والله لن تدخل فمي لقمة واحدة ولن اكل طعامك ان لم تخبرني من انت ومن تكون
حاول الرجل التهرب من الجواب لكنه وامام اصراري.. اطرق براسه قليلا.. ثم قال بنبرة خاڤتة يا عمى ان كنت تذكر فانا ذاك الطفل الذي اعطيته خمسة دنانير سنة 1964 عندما كنت اجلس خلفك في الحافلة
قلت له اه تذكرت انت ابن فلان رحمةالله عليه من قريتنا ..
نعم نعم لقد تذكرت ..
يومها كنت في الحافلة متجها من قريتنا الريفية الى احدى المدن القريبة وكان يجلس خلفي صبيان عمرهما لا يتجاوز على ما يبدو الخمسةعشرةعاما سمعت احدهما يحدث الاخر قايلا له هذا العام شحت السماء والخريف يوشك ان ينصرف والارض لا تنبت شييا وابي فلاح فقير ليس بيده ما ينفقه علي ولذلك فانا مضطر لترك الدراسة هذا العام!! لعدم استطاعت ابي علي مصاريف الدراسة.
وعلى الفور اخرجت من جيبي خمسة دنانير واعطيتها للصبي وقلت له خذ هذه الدنانير والمبلغ انذاك كبيرا وكان يفي لشراء الادوات المدرسية كلها..
رفض الصبي اخذ الدنانير فقلت له ولماذا يا ولدي! قال ربما يظن ابي اني سرقتها قلت قل له فلان بن فلان اعطاني اياها لش
تهللت اسارير الطفل وتناولالدنانيرالخمسة وابتسم ابتسامة الرضا والسرور ودسها في جيبه..
ونسيت من يومها هذا الموقف مع ذاك الصبي.
قال الشاب انا يا عم ذلك الصبي ولولا تلك الدنانير الزهيدة لما اصبحت اليوم بروفيسورا في اكبر مستشفى بالجزاير..
وها قد التقينا بعد ان من الله علي باعلى المراتب في انبل واشرف المهن فقد افترقنا سنة 1964 وها نحن نلتقي سنة 1994 بعد 30 سنة بالتمام والكمال!!
يا عم الدنانير الخمسة التي اعطيتها لي صنعت مني استاذا في الطب..
يا عم والله لو اعطاني احد كنوز الدنيا لما فرحت بها الان كفرحي يومها بتلك الدنانير الزهيدة.
يا عم افضالك علي كبيرة والله مهما فعلت فلن ارد لك الجميل.
فاسال الله ان يجازيك خير الجزاء في الدنيا والاجر الكبير في الاخرة.
الشاهد من القصة هي
صنايع المعروف تقي مصارع السوء ..
وكما تدين تدان .. وكل ساق سيسقى بما سقى يوما ما .