حكاية كاملة بقلم ندى محمود
المحتويات
بخفة ورد عليها وهو يلتقط كفها يرفعه لشفتيه ويلثمه برفق
وهو حد يشوف الهنا ويفضل تعبان
لاحت بسمتها الخجلة على وجهها ولم تدم طويلة حيث صدح صوت جلنار الناعم وهي تتقدم نحو أبيها هامسة
حمدالله على السلامة يابابا
انحنى وانزل حفيدته من فوق يديه ليبسط ذراعيه أمامه يستقبل بهم ابنته التي انضمت لحضنه مردفة بشوق
نشأت وهو يلثم شعر ابنته ويضمها لصدره بحنو
البيت نور من وقت ما رجعتي ليا ياجلنار إنتي وهنا
جلنار بحب نقي
ربنا يخليك لينا يارب
تعلقت الصغيرة بقدم جدها وأخذت تشد بنطاله
بشكل متكرر حتى ينتبه لها وتهتف في عبوس وعينان منطفئة
بابي فين ياجدو
نشأت ببسمة هادئة
مطت شفتيها للأمام بحزن وقالت بعينان تلألأت بالدموع وتذمر
هو قالي هيجي مع جدو أنا زعلانة منه
أنهت عبارتها الطفولية الحزينة واندفعت للأعلى حيث غرفتها تنوي المكوث بها والانفراد
بحزنها من أبيها بعيدا عن الجميع بينما بالأسفل الټفت نشأت تجاه ابنته وحدثها بلطف
جلنار بهدوء وهي تمسك بذراع أبيها تساعده على الحركة
حاضر يابابا هروح أشوفها بس الاول تعالى اوصلك اوضتك عشان ترتاح شوية
سار معها ببطء تجاه الدرج يصعد درجاته بكل حذر وهي تساعده حتى انتهى ووصلوا لغرفته ساعدته على الاستلقاء فوق فراشه ودثرته بالغطاء جيدا ثم استدارت ورحلت حتى تقوم بتحضير وجبة الغذاء له وكذلك تطمئن على ابنتها
فتحت بدرية باب المنزل واستقبلت عدنان الذي دخل وأرسل لها بسمة بشوشة قبل أن يقود خطواته للطابق العلوى قاصدا غرفة ابنته وبيده
يحمل علبة كبيرة داخلها دمية إحدى أفلام الكرتون المفضلة لديها
تحرك بخطوات هادئة حتى لا يوقظ أحد بالمنزل وبالأخص نشأت وقف أمام باب غرفتها ومد يده يمسك بالمقبض ويديره لليسار برفق ثم دفع
هنا !
كانت الصغيرة تقف أمام النافذة تتابع بوابة المنزل منذ وقت طويل تنتظر وصوله وفور رؤيتها لسيارته تدخل لحديقة المنزل أسرعت تبحث بغرفتها عن مخبأ حتى تختبأ منه كتعبير طفولي لطيف عن ڠضبها وانزعاجها منه
ده أنا كنت جايب لهنون العروسة اللي بتحبها ياترى راحت فين دلوقتي !!!
سكت لبرهة يستشعر وجود أي حركة منها لكنها حافظت على ثباتها المزيف فكتم ضحكته وتابع بمكر يعني جيدا ما يقوله
أنا هسيب العروسة هنا بقى وأروح ادور عليها برا
انهى عبارته وتحرك بخطواته تجاه الباب مصدرا صوت بقدمه متعمدا حتى يؤكد لها أنه يغادر وعند الباب فتحه ثم أغلقه مجددا واسرع بعدها يتحرك بخطا حذرة نحو أحد أركان الغرفة يتخفي خلفها وبالفعل كما توقع لم تكن سوى ثواني معدودة حتى رأى باب الخزانة ينفتح وتخرج منه ببطء تتلفت حولها برأسها لتتأكد من رحيله وعندما لم تجد أحد غيرها بالغرفة خرجت بكل اطمئنان واسرعت ركضا نحو الفراش حيث توجد فوقه علبة دميتها المفضلة وراحت تخرجها من علبتها وتمسكها بين يديها وهي تضحك بسعادة غامرة وتقفز فرحا
خرج هو وتسلسل ببطء من خلفها وعلى
حين غرة انحنى وحملها فوق ذراعه وهو يقول ضاحكا
مسكتك يا مكارة بتستخبي مني !
أصدرت هي صړخة عالية مڤزوعة وسرعان ما تحولت لضحكة عالية لكن لم تدم ضحكتها كثيرا حيث زمت شفتيها بحزن وقالت
لا أنا زعلانة منك يابابي عشان قولتلي هتيجي مع جدو الصبح ومجيتش
دنى منها ولثم شعرها ووجنتها بلطف هامسا في اعتذار حقيقي
عقدت ذراعيها أمام صدرها ومطت شفتيها للأمام ثم اشاحت بوجهها بعيدا عنها كإشارة على رفضها لأعتذاره فضحك هو ورد غامزا بعيناه البندقية
طيب اوعدك مش هتتكرر تاني
التفتت له وقالت بنظرة قوية تماما كنظرة أمها
وعد !
أماء لها بالإيجاب وهو يبتسم فسكنت قليلا ثم ابتسمت هي الأخرى بدورها وراحت ترتمي عليه تعانقه وهي تهمس بنبرة تسلب العقول
أنا بحبك يابابي ومقدرش ازعل منك خلاص
وأنا بعشقك ياهنايا وفرحة وسعادة بابي ربنا يخليكي ليا ويقدرني واسعدك دايما إنتي وماما
دامت عناقها لأبيها للحظات طويلة حتى ابتعدت عنه ونزلت من فوق ذراعيه لتبدأ في إخراج دميتها من الكيس الشفاف الذي يحاوطها وهي تضحك بحماس لكن سرعان ما عبس وجهها عندما راحت تبحث عن بطل الكرتون وحبيب الدمية رابونزل لتقول بحزن
فين يوجين يا بابي !
غضن حاجبيه باستغراب ورد بجهل
مين يوجين ده !!
ردت بكل براءة وحزن
ده الولد اللي بتحبه رابونزل
استحوذ عليه السكون الممزوج بدهشته من ردها لكن ما ابتسم بزيف ورد محاولا تخطي الأمر
بتحبه !!! لا هي حلوة وحدها كدا
لم تنتبه لعبارة والدها وكانت منشغلة بشعر الدمية الطويل وقالت بتلقائية وهي تبتسم
عارف يابابى دي شعرها سحري أول ما تغنيله بينور اوريك
هز لها بالإيجاب فراحت هي تمسك بالفرشاة الصغيرة الخاصة پالدمية وأخذت تسرح لها شعرها كما
كانت تشاهدها في الكرتون وبدأ صوتها الجميل يظهر وهي تغني برقة
ياوردة المعي خلي القوة يرجع اللي كان اللي ضاع زمان خففي الچروح رجعي اللي فات يرجع اللي كان يرجع اللي ضاع ضاع من زمان
توقفت بعد انتهاء الأغنية ولم
تجد شعرها يضيء فراحت تصيح وتبكي بحزن
شعرها مش بينور ليه !!!
قهقه عاليا واجابها من بين ضحكه محاولا تهدأتها
ياحبيبتي دي عروسة مش حقيقية شعرها هينور ازاي لما تغنيلها بس
هنا پبكاء حقيقي
طيب إيه رأيك اغنيلك أنا لغاية ما تنامي
هنا باعتراض وحزن
لا أنا شعري مش سحري زيها ومش هينور
رفع أنامله وراح يغلغلها بين خصلات شعرها الكستنائية الحريرية وهو يبتسم ويقول
بحب
إنتي شعرك أحلى منها ياحبيبتي وأجمل شعر شفته في حياتي
اختفى حزنها وتطلعت إلى أبيها تهمس باسمة
بجد يابابي !
طبعا ياروح بابي
عانقته بحب ودفنت وجهها بين ثنايا صدره بينما هو فأخذ يمرر أنامله بين خصلات شعرها ويدندن
لها بأغنتيها المفضلة ولم تدم طويلا حتى وجدها غطت في سبات عميق بين ذراعيه !
دخل غرفة جلنار وأغلق الباب خلفه ببطء ثم تلفت برأسه حوله بحثا عنها ولم يلبث ثواني حتى سمع صوت رذاذ المياه داخل الحمام فابتسم بلؤم وتقدم إلى الحمام بتريث حتى وقف أمامه وسكن تماما للحظات ثم رفع يده وطرق بخفة فوق الباب فسمع صوتها الناعم من الداخل وهو تقول بنبرة قوية
نعم يا هنا إنتي لسا صاحية ياحبيبتي مش قولتلك روحي نامي وبابي ممكن يتأخر
سكت للحظة ثم هدر بصوته الرجولي المميز
طيب وياترى ماما مطولة في الحمام ولا لا عشان بابي بيزهق
لو هتزهق امشي
رفع حاجبه مستنكرا ردها وأجابها بخبث ولهجة تقصد كل حرف جيدا
طيب وامشي ليه وأنا ممكن ادخل عادي جدا
اتسعت عيناها مذهولة ولم تلبث ثواني لتفق من دهشتها جراء جملته الجريئة حتى وجدت مقبض الباب يلتف وهو يقول من الخارج بلهجة لعوب كلها استمتاع ومكر
هااا ادخل !
صړخت من الداخل بفزع وهي تهنيه بتحذير وخجل شديد
لااااا خلاص طالعة أهو
ضحك بخبث ورد بمتعة
هعد لخمسة لو مطلعتيش أنا مش مسئول بقى
جلنار سائحة به بغيظ
عدنان بلاش وقاحة !
تجاهل عباراتها وقال ببرود وهو يضحك
الخمسة قربت تخلص وده مش في صالحك يا رمانتي
ياخسارة كنت خليتها لغاية تلاتة
طالعته مبتسمة بغيظ واندفعت نحوه تلكزه في كتفه بخفة هاتفة
شعرت بالبرودة تسري فوق جلدها تزامنا مع حركة أنامله المتمرسة وارتجفت بخجل عند وقوف يده فوق عقدة المنشفة فهتفت مسرعة
حتى تنقذ خجلها تقول بفرحة
عدنان النهارده حسيت بأبننا بيتحرك أول مرة
انخفضت يده تلقائيا واجفل نظره إلى بطنها يقول بلهفة وسعادة
إنتي خلتيني اسعد راجل في الدنيا ياجلنار ادتيني أجمل بنوتة ودلوقتي شايلة ابني وولي العهد
ابتسمت له بغرام وهمست وهي تقترب بوجهها منه أكثر حتى تلفح أنفاسها الساخنة صفحة وجهه
لا مش معقول هنا ده أنا لسا سايبها نايمة قبل ما آجيلك !
ضحكت رغما عنها ثم صدح صوت الخادمة بدرية من خلف الباب وهي تقول بأدب
جلنار هانم أنا آسفة لو ضايقتك بس نشأت بيه كان بيسأل عليكي وبيقول عايزك
ضيقت عيناها وردت في قلق
هو كويس يا بدرية
كويس الحمدلله متقلقيش هو تقريبا عايز يتكلم معاكي في حاجة
جلنار
طيب يابدرية روحي إنتي وأنا جاية وراكي
يعني أنا هلاقيها من هنا ولا من نشأت
بعد مرور نصف ساعة تقريبا خرج عدنان من غرفة نشأت ينوى الرحيل تحرك بخطواته السريعة تجاه الدرج وقبل أن يخطو أولى خطواته فوق الدرج سمع صوتها من الخلف تقول
مالت شفتيه لليسار ببسمة ماكرة ثم استطرد
ليه !
وحشتني وعايزة أنام في حضنك الليلة دي
ابتسم باتساع ومال عليها يتمتم بنظرة فاقت وقاحته منذ قليل
إنتي متأكدة من طلبك ده يارمانتي !
ضحكت برقة وهزت بالإيجاب تقول بجرأة ودلال أكثر لا تليق بتلك المرأة التي كانت ترتجف من خجلها منذ قليل
متأكدة جدا كمان
رفع حاجبه بمكر ضاحكا ثم أجابها باسما
طيب روحي وأنا هكلم آدم أقوله على كام حاجة بخصوص الشغل وجاي وراكي
تحركت من أمامه وسارت تجاه الغرفة ثم التفتت برأسها له عند الباب وقالت باسمة بنعومة جعلت لعابه يسيل على أثرها
متتأخرش !
ثم فتحت الباب واختفت داخل الغرفة عن أنظاره بقى هو مكانه متسمرا لم يفيق من تأثير نبرتها ولا نظرتها السحرية اخفض نظره بهاتفه
الذي بيده وسرعان ما وضعه بجيبه وقال بلهفة
يتحرق الشغل كله بلا شغل بلا قرف !
ثم اندفع مسرعا نحو غرفة زوجته وفتح الباب ودخل
ثم اغلفه خلفه ومد يده يغلقه بالمفتاح فضيقت عيناه وسألته بحيرة
بتقفل بالمفتاح ليه !
رد غامزا بلؤم
تحسبا لأي هجوم من أطراف العدو والبيت هنا مليان أعداء
قهقهت عاليا وماهي إلا لحظات حتى انغمسوا معا يقضون ليلتهم الخاصة وسط أجواء العشق والسعادة التي تغمرهم !
بصباح اليوم التالي داخل منزل حاتم
معقول الجمال ده كله ليا لوحدي
ابتسمت بخجل ولم تجيبه فقط بسمتها الساحرة كانت تجيب بدلا عنها لكن خرج صوتها بعد لحظات معدودة وهي تسأله بحيرة
أنت مش رايح الشغل !
حاتم باسما
تؤتؤ حابب النهارده اقضى اليوم معاكي
استدارت ودنت منه
تلثم وجنته برقة دون حرف واحد بينما هو فمد يده بجيبه وأخرج كارتين عبارة عن تذاكر طائرة لمدينة كاليفورنيا
وقال بحنان
ده تذاكر الطيارة عشان نرجع كاليفورنيا زي ما
متابعة القراءة