حكاية بغرامها متيم

موقع أيام نيوز

الذي لم ينفض أبدا عن بثه بها في جميع حالاتها ثم أبعدته برفق عن أحضانها وهي تردد له بنبرة متعبة 
_ وه ياعمران مهتبطلش طريقتك داي واصل مش شايفني تعبانة وشكلي مبهدل وحتى ريحتي من الترجيع بقت وحشة .
باغتها بغمزته المعتادة ثم ډفن يداه خلف رأسها قائلا بعشق صادق 
_ ومهما طال بينا الزمن مهبطلش أغازل حبيبي ومين قال إنك وحشة ومبهدلة 
ثم سحبها معه ووقف أمام المرآة وهو يشاور بإبهامه على وجنتيها المحمرتان من أثر غثيانها 
_ بذمتك القمر إللي خدوده كيف الفراولة دي وعيونه يدوبوا يوبقى متبهدل 
ابتسمت  غيرك نهايته لحد أخر نفس فيه .
ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة من كلماته التى خدرت حواسها وأش علت رغبتها به داخلها وصارت غير قادرة على مجابهته وأن تردد مثلما قال فهي تلميذ فاشل في مدرسة عشق العمران ثم هتفت بهمس رقيق يشبهها 
_ وه ياعشق السنين الكلام الجميل دي كلاته ليا أني وحدي انت متعرفش كلامك دي بيحسسني بايه 
داعب أرنبة أنفها وهو مستمتع بالقرب منها والحديث معها متسائلا بنبرة رجولية 
_ بإيه ياحبيبي اتكلمي عايز أسمعك كتير 
ابتسمت بمحبة لكونه أنساها تعبها بمعاملته الرقيقة لها لتقول بعيناي يملؤها الشعور بالراحة والفخر لكون ذاك العاشق رجلها 
_ بيحسسني اني مالكة كل الحب اللي في الدنيا بحالها واني مفيش ست زيي عنديها راجل بيحبها وهيعشقها زيك وان سنيني اللي فضلت أدعي ربنا بقربك مني وانك تحس بحبي ليك مضاعتش هدر وان لو كان طال بيا الانتظار وأني هستناك أكتر من اكده كنت هستنى العمر كله يا عشق سكون .
تنهد قليلا بأنفاس متسارعة من رغبته بها التى يحاول كبتها فهو يحبذ حديثهما ذاك بل ويذوب في بحور عينيها العاشقتين له ثم 
تحدث بما يجول بخاطره وأراد اخبارها به 
_ تعرفي ان قبل ماأشوفك ومن قبلها بسنين كمان مكانش عندي أي رغبة لأي ست ولا كان ليا نفس أتجوز وأكون بيت وعيلة واللي في سني ولادهم قربوا يبقوا طولهم مكانش عندي أي ولاء للجواز والاستقرار وكان عندي دايما شعور بالفتور ناحية أي علاقة راجل ببنت شافها جميلة وحتى الحاجة زينب كانت دايما تجيب لي صور بنات أو تخليني أشوفهم اجباري اكده لكن تعرفي مفيش بنت منهم شفتها جميلة رغم جمالهم ومفيش بت منيهم حركت لي ساكن رغم إن امي منقياهم بجمال يخلي أي راجل يبصم بالعشرة 
وأكمل وهو يزيح خصلة شاردة علي عينيها وتحجبها عن النظر فيهما بعمق ويضعها خلف أذنها 
_ معاكي الأمر اختلف أول ماوقعتي وجريت عليك ولقيتك بتنطقي اسمي بيخرج بهمس من بين شفايفك حسيت بقلبي بيرجف بين ضلوعي ومن وقتها وأني بقيت أسير عيون السكون أسير اسم السكون أسير ملامح السكون من وقتها حلفت ماأكون غير ويا السكون ومفيش غيرها ألف ست ولقتني رجعت لك تاني وأني كلي شوق للقاكي وأخترع أي أسباب علشان أتكلم وياكي .
ابتسمت بعشق وسألته 
_ طب فاكر أول كلمة قلتها لك ايه وقتها 
حرك رأسه بموافقة ثم أسند جبهته بجبهتها مرددا بصوت عاشق 
_ وه كيف مفتكرش قلتي لي وقتها !
تعمق في النظر بوله داخل عيناها وأكمل بتذكرتها بما قالته في لقائهما الأول 
اوعاك تلمسني ياعمران سكون ميلمسهاش غير محرم أبدا ومن وقتها عمران سلم قلبه بين يدك قبل مايهملك ويمشي .
ضحكت بصوت رقيق وتذكرت ذاك اليوم فهي لم تنساه من الأساس ثم تحدثت بعيناي لامعة بذكريات ستظل محفورة في ذاكرتها 
_ ياه ياعمران عدى ياجي سنتين على مقابلتنا داي وكانهم ساعتين عارف وقتها مفرقش وياي د مي اللي سايح ولا وقعتي قدام الخلق خالص كل اللي كان فارق لي اني شفتك قدامي وحسيت إن فيه كائن اسمه سكون في الدنيا .
تبسم ضاحكا هو الآخر من قولها ثم ردد 
_ وأني وقتها كنت مذهول من نظرتك ولا همسك باسمي وقعدت أكلم نفسي ورجلي شكل ماتكون اتسمرت في المكان ومعايزاش تتحرك وكله كوم ولما فقتي ونطقتي اسمي تاني حسيت ساعتها انك علمتي في قلبي وبعدها
مشيت ورجعت ومشيت ورجعت ومقدرتش أفوتك تاني غير وانت نصيبي وقسمتي الحلوة .
داعبت الفراشات عيناها فور تذكرهم للقاهم الجميل يوما من الأيام ثم همست بكلمتها التي أودت بصبر عمران أمامها وجعلته سحبها داخل أحضانه كي يتنعم بقربها 
_ انت حبيبي اللي هشعقه لحد آخر نفس فيا ومعايزاش حاجة من الدنيا واصل غير ضمتك ليا وحبك الكبير ياعمراني .
سحقها داخل أحضانه المتشبسة بها ثم همس بجانب أذنها 
_ طلبتيها ونولتيها واني ماصدقت ياقلب عمرانك وقولي لمعدتك وبردها اركني على جنب دلوك علشان عندي رحلة مع حبيبي.
ضحكت بدلال أثاره كثيرا ثم أخرجها من أحضانه وسحبها من يدها إلى جنتهم التي يودون الجلوس بها طيلة عمرهم دون أن يعكر صفو مزاجهم هموم الحياة 
ولكن هل ستتركنا الحياة ننعم بلحظات سعادة أبدية ام ستكمل علينا بالمكتوب وهو عند علام الغيوب 
فلنرى ماذا سيصل رجل عاشق مع امرأة متيمة بغرامه برحلتنا القصيرة تلك 
في منزل آدم المنسي وبالتحديد في الساعة السادسة مساء تجلس تلك المكة أمام إحدى لوحاتها في حديقة منزلهم وشمس الغروب أمام عينيها وعندما تجلس بين الزهور والورود وهي وردة في أوسطهم وتشاهد غروب الشمس تشعر بسحر لا يوصف يأخذك إلى عالم آخر من الجمال والهدوء تبدأ السماء بتغيير ألوانها من الزرقة الفاتحة إلى الأحمر اللامع وتتألق الشمس بأشعتها الذهبية وتغرب ببطء خلف خط الأفق بينما تتلاشى أشعة الشمس وتتلاعب بالسحب في السماء تتغير الألوان بشكل سحري و تظهر درجات مختلفة من الأحمر والبرتقالي والأصفر والبنفسجي مما يخلق لوحة فنية تبهر العيون وتدفئ القلب ومن ناحية أخرى تظهر الانعكاسات الساحرة لأشعة الشمس على سطح الماء مما يخلق صورة آسرة تجعلك تشعر وكأنك في عالم سحري مليء بالجمال والرومانسية 
فهي تحبذ الرسم وبالنسبة لها هوايتها المفضلة 
كانت تنظر إلى اللوحة بعيناي تلمع بالفرحة والإبتسامة من جمالها الآخاذ بعد أن أنهتها ونالت إعجابها بطريقة لاتوصف 
سمعت أصوات سيارة زوجها وهو يغلق بابها ففورا ألقت الستار على لوحتها كي تحجبها عن عينيه ولا يراها فهي تريد أن تجعلها مفاجأة له 
اقترب منها آدم وحقا انبهر بجمالها فهي جسدها امتلئ بعض الشئ وأصبحت أكثر جمالا وجاذبية عن ذي قبل فقد كانت ترتدي كنزة من اللون الأبيض بحمالات رفيعة وشعرها منفرد على ظهرها بطريقة انسيابية رائعة وتضع بعض لمسات التجميل على وجهها مما جعلها أكثر جمالا وترتدي بنطالنا من اللون البينك وصل إليها 
همس بجانب أذنها بطريقة أذابتها وجعلت جميع جسدها يتأثر باقترابه منها ناهيك عن رائحته المسكرة الحابسة لأنفاسها 
_ هلللو بيبي وحشتيني قووي ياموكتي .
اعتدلت بجلستها ثم نظرت بداخل عينيه مرددة وحشته باشتياق مماثل 
_ حمد لله على السلامة حبيبي انت كمان وحشتنا قوووي .
اندهش لصيغة الجمع في كلامها فسألها 
_ وحشتنا مين بالظبط هو احنا عندنا ضيوف ولا حاجة 
تنهدت بأنفاس رقيقة جعلته يشم أنفاسها كأنها أشهى العطور ثم أجابته وهي تشاور بيديها على لوحتها المخبأة التي مكثت فيها أكثر من أربعة أيام ترسمها 
_ قبل ما أجاوبك على سؤالي مش عايز الاول تشوف رسمتي وتقول لي رأيك فيها 
رفع حاجبه الأيسر ناطقا بنبرة متحمسة 
_ أخيرا الأميرة روبانزل هتتنازل وتوريني رسمتها اللي أول مادخل تداريها عن عيوني.
مطت شفتيها للأمام بدلال أثاره كثيرا ثم طلبت منه أن يضع يداه على عينيه وان لا يفتحهما قبل أن تطلب منه فنفذ أمرها على الفور وأغمض عينيه السوداويتين ثم رفعت قطعة القماش من على لوحتها ثم قامت من مكانها ووقفت أمامه وسحبت يداه برفق من على عينيه لتقول بنبرة متمنية أن تعجبه لوحتها وان يفهم مغزاها 
_ ها قول لي رأيك في أول لوحة ليا أرسمها بالعمق دي 
التمعت عينيه بوميض
من الفخر والسعادة لكون تلك الفراشة الرقيقة صاحبة الأنامل الذهبية
رسمت كل ذاك الجمال وهو يهتف بنبرة ذهولية 
_ واو ايه الجمال ده كله ياموكتي
! ده انت تقعدي الرسامين المحترفين في بيوتهم على كده بقي .
تطايرت الفراشات من
عينيها بسعادة من إعجابه بلوحتها وكلماته الراقية التى عبر بها عن رأيه ثم جذبته من يده وأوقفته أمام اللوحة وهي تسأله 
_ حبيبي منحرمش طب قول لي مفهمتش حاجة منها 
تعمق النظر في لوحتها كي يستشف منها ماذا تقصد ولكن لم يسعفه عقله أن يصل إلى ماتريد ثم عبث بوجهه وتحدث وهو يحك أسفل ذقنه 
_ بصراحة مش عارف بس فهمت إن دي لوحة لأم شايلة بنتها وضماها لصدرها بسعادة ونظراتها بتقول انها بتحبها قوووي وملبساها زيها بالظبط وده يدل على أنها نفسها تبقى لوحة مكتملة من الجمال لمامتها.
ابتسمت لفهمه ولكنه لم يصل إليه مغزى ماتريده ثم أخذت نفسا عميقا وسحبت يداه ووضعتها على بطنها ونظرت داخل عيناه وهمست برقة وهي تف جر له مفاجأتها 
_ يوبقى انت مفهمتش معنى لوحتى 
وأكمل هو وهي تراه ينظر إلى موضع يدها ليده باندهاش والآن أتى بباله مقصدها ولكن لم يصدق حدسه ثم تحدث بنبرة استفسارية بلسان يهتف ببطئ 
_ انت عايزة توصل لي باللوحة دي إن في بيبي جاي لنا في الطريق 
يارب يكون اللي فهمته ده صح 
ابتسمت ابتسامتها المشرقة التى تنير الكون بأكمله في عينيه ثم أومأت برأسها للأمام وسعادة الكون بأكمله تداعب أسفل معدتها وهي تكشف الستار عن مفاجأتها التي جعلتها طار من السعادة والبهجة من خبرها ذاك 
_ أنا حامل في بداية الشهر التالت .
نظر إليها نظرة مطولة وعينيها مصوبة أسهم نظراتها العاشقة المغلفة بالذهول على بطنها الذي يحمل جنينه وهو يتأكد من كلامها وكأن عقله في تيهة من الأمر ولم يستوعب مفاجأتها له إلى الآن 
_ انت بتتكلمي بجد يامكة اوعي تكونوتراعيه كما أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم
_ اول ماعرفت مصدقتش نفسي ومكنتش أعرف إن إحساس اني هبقى مامي في يوم من الايام حلو قوووي اكده مكنتش اعرف اني هتعلق بيها أو بيه من أول ماعرفت بوجوده في بطني وبقيت من وقتها بعد الايام علشان ياجي للدنيا بسلامة .
جذبها من يدها وأجلسها برفق على الأريكة الموجودة في الحديقة ليقول بأمر لايقبل النقاش
_ من دلوقتي تستريحي وهنجيب ست تقعد وياكي هنا علطول تشوف طلباتك عايزك تستريحي ومتتعبيش نفسك خالص عايز ابني أو بنتي يكونوا مستريحين وأمهم كمان تكون مستريحة .
اندهشت لأمره وسألته 
_ وه عايزني اقعد سبع شهور اكده من غير حركة !
واسترسلت وهي تصطنع الاستنكار
_ داي حتى ماما دايما تقول لي الحركة بركة .
حرك رأسه رافضا لم تقول وهتف بتصميم
_ متحاوليش انت بتتعبي في البيت لوحدك ومش بتخلي الست تيجي تنضف غير يومين في الأسبوع وطول الأسبوع مبتستريحيش بس دلوقتي الأمر فرق انت بقيتي حامل ولازم تستريحي على قد ما تقدري ولا مفر من اللي بقوله اسمعي الكلام بقي .
تنهدت بسعادة لخوفه عليها ثم احتضنت كفاي يداه بين يديها وهمهمت برقة 
_ كد اكده هتحبني وتخاف علي من نسمة الهوا الطاير 
شدد من احتضان يدها وردد بنفس همسها 
_ وانت متتحبيش ! ده انت دوختيني وجننتيني ونستيني اسمي ونفسي وشغلي وكل حاجة علشان خاطرك انت أثبتي لي إن كل شئ يهون مقابل راحة البال وان مفيش حاجة تسوى في الدنيا اني اعيش مرتاح وراضي ربي وعلشان كدة لازم اخاڤ عليك لازم أخاف من اي حاجة تمسك أو تأذيكي .
وظل يغدق عليها كلمات المحبين في جو من الهدوء والألفة والمودة والرحمة والسکينة لطالما شملتهم عناية الله الراجين رضاؤه دوما وفي الأخير أهداها خاطرته بعد أن فاجأته بذاك الخبر السعيد 
ما بها تلك العينان كي أقف أمامها وأتوه كعابر سبيل لأمر الله مستسلم !
فداخلهما مدينة وأنا جيشها وسيوف جنودي العظيمة امام بريقتيها تهزم 
فأنا معها أصبحت شاعرا تتنافس الكلمات والحروف على قلبي من معجم المشاعر أعظم 
فتلك المدينة وهؤلاء الحروف وهذي الجنود بسيوفها تخر تحت أقدامها بغرام متيم .
خاطرة_آدم_المنسي 
بغرامها_متيم
الجزء_الثاني
من_نبض_الوجع_عشت_غرامي
في مكتب المحاماة التابع لجاسر المهدي وبالتحديد في الساعة الثامنة مساء يجلس في انتظار عمران ومها ولكن أمامه تلك القضية يعمل عليها 
ولم يفت وقتا طويلا حتى أرسل له عمران رسالة أنهم على قرب الوصول 
بعد عدة دقائق كانت مها تمشي بجانب عمران بملامح وجه مخ طوف وقلب يدق دقات متتالية تدل على توترها الشديد من المرحلة الجديدة كليا التي ستدخل عليها في حياتها فلأول مرة تخرج من بيتها للعمل تتعرف على أناس جديدة وتتعامل معهم وقتا طويلا لأول مرة تجرب احساس المسؤولية وأنها مهتمة بأمر ما غير اشغال المنزل ورعايته من كافة النواحي 
راي عمران توترها البائن على معالم وجهها فطمئنها مبتسما كي يشجعها على قرارها بالعمل وأن هذا هو القرار السليم 
_ مالك يابنتي وشك مخطۏف اكده ليه انت ولا اللي داخل لجنة امتحان .
ابتلعت ريقها بصعوبة وبررت توترها 
_ لا مش على اكده بس انت عارف اني كان أخري من بيتي لبيت ماما للسوق بس وإني أول مرة أخرج للشغل وحاجة لاأفقه فيها شئ وكمان مع ناس معرفهمش.
رمقها بنظرة هادئة كي يستودعها الهدوء هي الأخرى ثم هتف بما يجعلها تهدأ من توترها
_ إن شاء الله هتتعودي على روتين الشغل بسرعة ومش هتحسي بتعب وشفتي المثل اللي هيقول حب ماتعمل حتى تعمل ما تحب طبقيه كل يوم وأنت هتتعودي وكمان جاسر كويس جدا مش قفل ولا من النوع اللي بيتنك على اللي شغالين وياه ومعاملته زينة ومهتحسيش بأنك شغالة عنديه .
أخذت نفسا عميقا تستحضر به هدوئها النفسي وتهدئ به ملامحها المتلونة بألوان الطيف 
دلفوا إليه واستقبلتهم منة الله بابتسامتها البشوشة لأن السكرتارية قد غادرت المكتب منذ خمسة أيام لزواجها 
فاضطرت منة الله أن تقوم بعملها إلى أن تأتي أخرى مكانها 
ما إن رأت مها منة الله حتى شعرت بالارتياح الشديد فوجهها مريح للغاية ناهيك عن براءتها في الحديث وابتسامتها البشوشة التى تبعث في النفس السکينة فحقا صدق قول الله سيماهم على وجوههم 
صافحتها مها ولكن منة لم تمد يدها نظرا لظروفها فاندهشت قليلا ولكن فسرت ذلك على انها لاتصافح أحدهم ثم تركتهم ودلفت تخبر جاسر 
اندهش عمران هو الآخر فأرجعت يدها بعد أن شعرت بالخجل قليلا ولكن عمران لم يأبه للأمر وأشار ناحية الباب كي تدلف بعد أن فتحت منة لهم الباب وأبلغت جاسر فهي قد حفظت المكتب عن ظهر قلب 
ما إن دلفوا ورآها جاسر حتى سقط قلبه بين يديه أيعقل أن يرى رجلا امرأة ويقع صريع هواها من أول نظرة ! أيعقل أن يصدق عقلا ان ذاك الجاسر وقف متصنما أمام هيئتها الخاط فة للأنفاس ناهيك عن رائحة الياسمين التى تشع من ملابسها فقط !
فكانت ترتدي كنزة من اللون الأسود تصل إلى منتصف فخذها وبنطالا فضفاضا من الجينز بلون الثلج من يراه يظنه جيبة وحجابا باللون النيلي ملفوفا بطريقة عصرية وتضع نظارتها الشمسية على رأسها ووجهها خاليا من أي مستحضرات التجميل إلا الكحل الذي زين عسليتها الواسعتين 
اندهشت هي الأخرى من نظراته المتصنمة عليها ونظرت إلى عمران كأنها تستفسر منه عن هؤلاء البشر الغريبيبن من وجهة نظرها ولكنه اتكأ بأهدابه كي يطمئنها ثم تحمحم وهو يمد يداه إلى جاسر 
_أممم .. كيفك يامتر 
أفاق ذاك الجاسر سريعا من نظرته الهائمة وهدأ من أعصابه الثائرة في تواجدها ثم مد يده مرددا سلامه 
_ الله يسلمك يابن عمي زين الحمدلله 
واسترسل حديثه بنبرة حانية وهو يوجه أنظاره مرة اخري إلى الجالسة أمامه تفرك أصابع يدها بتوتر 
_ نورتي مكتبنا يا أم الزين .
نال استحسانها نداؤه لها بذاك اللقب وشعرت بالارتياح قليلا من أول كلمة منه وجهت لها ثم ردت سلامه بنبرة صوت جادة وخفيضة 
_ منور بأصحابه يامتر شكرا لذوقك.
مجرد كلمات بسيطة نطقتها بنبرتها الرقيقة ونظرتها لعينيه بذاك الأدب جعله ود أن يعرض عليها زواجه منها في الحال ولكن أمسك أعصابه وتحدث بنبرة جادة كي لايخيفها منه 
_ إن شاء الله هتوبقى السكرتارية الخاصة بمكتبي أنا ومنة
الله هنعلمك كل حاجة ومش عايزك تشوفي الشغلانة صعبة له هي أسهل مما تتخيلي كل الموضوع محتاج منك تنظيم دقيق وانك تدوني كل حاجة مهمة .
قاطعه عمران متسائلا بفضول 
_ بخصوص منة الله داي هي عنديها مشكلة ولا حاجة ! أصل مها بتمد يدها تسلم عليها عملت كأنها مشيفاش 
تحمحم جاسر قليلا وشرح له حالة منة الله باختصار 
_ أممم.. هي مقصداش تعمل اكده أصلها حالتها مختلفة شوية هي كفيفة لكن إنسانة راقية جدا.
اتسعت مقلتاي مها بشدة مما استمعت إليه فهي قد ظنت بها السوء 
رأى جاسر ملامحها الحزينة ففسر ذلك على انها تأثرت بعدم سلامها وليس لحالتها واعتذر لها نيابة عنها 
_ معلش يامدام مها عندي اني دي بس منة حد جميل قووي وهترتاحي في الشغل معها وبإذن الله المكتب بيكم انتوا الاتنين هيوبقى تمام.
حركت رأسها رافضة لفهمه وما توصل إليه ثم صححت مفهومه 
_ له يامتر أني مزعلناش منيها واصل أني اتأثرت بس بحالتها حبيبتي ربنا ينور لها بصرها يارب ابتسم جاسر لتفهمها أولا وأنها أخيرا تدخلت معهم في الحوار وسمع صوتها
الناعم وكان في أذنه كسيمفونية أعذب الألحان 
وظلا يتحدثان عن أمور العمل ومواعيد المكتب وبعض الأشياء الأساسية التي ستفعلها بكل أدب 
ثم قامت
من مكانها مستئذنة للمغادرة هي وعمران على أن تأتي للمكتب من أول غد في الساعة
الثانية مساء 
وفور خروجها ظل ينظر على أثرها بنظرة حزينة فقد أحب تواجدها وحديثها وكل شئ ثم
أخرج هاتفه ينظر إلى صورتها التي حفظها وهو يردد 
_ صورتك اللي كنت بقول فيها أشعار ولا حاجة جنب حقيقتك ونبرة صوتك اللي يتحكى فيهم مواويل .
ثم أغلق الهاتف وأسند رأسه على مكتبه ولكن وجد طيفها جال بخياله ولم يتركه هو الآخر مما جعله ردد مرة أخرى
_ داي باين الأيام الجاية هتوبقى رواااق عليك يابن المهدي .
في مكان ما يجلس ذاك الرجل الكهل ذو الستين عاما على مكتبه كما الملك الذي يجلس على كرسي العرش وبيده سېجاره الفرنسي الباهظ الثمن يردد بنبرة آمرة لذاك الواقف الذي يرتعب أمامه 
_ عملت اللي طلبته منك ياشوقي والمركز جهز ونقلت الحالات في سرية تامة ولا انت كبرت وخرفت .
أجابه ذاك الرجل سريعا وهو يتلعثم خوفا فهو يخشاه بشدة 
_ والله ياباشا عملت كل حاجة زي ما سعاتك أمرتني بالظبط وهتروح تلاقي كل حاجة تمام .
نفث الآخر دخان سېجاره الغزير هاتفا بنبرة تحذيرية 
_ تأمن على الكهربا كويس وتأمن على المحولات لو فصلت في ثانية إلا ثانية تكون شغالة لأن لو جهاز واحد وقف أو جري له حاجة مش هيكفيني عمرك كله وانت حر بقي .
كان ذاك الرجل يقف يرتعد أمامه فهو يخشاه بشدة من جبروته المعروف لدى الجميع ومن بطشه الذي لو نال أحدهم لسح قه دون أن يرف له جفن 
_ والله ياباشا أنا مشغل اتنين مخصوص لا ومتخصصين كمان في الصيانة جمب المحولات دي وعامل بديل كمان علشان لو واحدة فيهم عطلت متقلقش سعاتك .
أشار له ذاك المتجبر أن يرحل من أمامه دون أن يرف له جفنا فهرول الآخر من أمامه وهو يتنفس الصعداء 
ثم أمسك الهاتف وهو يعيد تشغيل الفيديو الذي صفع فيه ابنه بنظرات يملؤها الشړ والتوعد وأتى برقم أحدهم 
_ أيوه يابني البت اللي بعت لك صورتها دي تجيبها لي
تم نسخ الرابط