حكاية رحلة الآثام بقلم منال سالم

موقع أيام نيوز


بشيء فانتصبت في وقفتها مستنكرة هذه المعاملة الازدرائية لتهتف من ورائه في حدة
إيه مافيش شكرا حتى!!
ابتعد عن محيطها والصدمة تكاد تأكل رأسه المشحون استطرد محدثا نفسه في صوت متسائل ومغتاظ وهو يهبط الدرجات ببطء
طب هي عملت كده ليه .!!!
يتبع الفصل العاشر
الفصل العاشر
زواج أم 
كان وجهه واجما متكدرا ويظهر عليه الضيق الشديد لم يستوعب كيف لشابة معډومة الخبرة مثلها أن تنجح في التحايل عليه ومراوغته لمجرد التسلية الفارغة وهو سيد من يقوم بهذه الأمور اللئيمة ببراعة وفي النهاية تترك كل شيء وراء ظهرها وتتزوج بآخر دون أن ينال مبتغاه منها خرج من المدخل مستاء للغاية تنطلق من عينيه نظرات الحنق وزاد من إحساسه بهذا الشعور الناقم وجود ممدوح بالسيارة حتما لن يمرره دون سخرية أو استهزاء وهذا ما لا يحبذه مطلقا فأحب ما لديه أن يتغذى بداخله شعوري الغرور والسيطرة لا الانتقاص منهما ما إن رآه الأخير ظاهرا في مرمى بصره حتى فتح الباب وترجل من السيارة ليهتف متسائلا دون استهلال

قابلتها
رفض مهاب الحديث بشيء واتجه إلى موضعه خلف عجلة القيادة فتبعه رفيقه بنظراته الفضولية وهو يعلق باستخفاف
شكلها ادتك الوش الخشب!
ثم أطلق ضحكة ساخرة منه ليستفزه أكثر قبل أن يتابع بنفس الوتيرة وهو يستقر مجاورا له
وإنت الصراحة مش متعود غير على الحاجات الناعمة والطرية 
لم يطق تحمل سخافاته فاستطرد بصوت ثقيل وهو يدير المفتاح ليشعل المحرك
تهاني اتجوزت!
حملق فيه مندهشا ليعلق بعدها بنبرته الذاهلة
نعم إنت بتهزر صح
رد في وجوم وهو يخفض الزجاج الملاصق لجانبه
لأ زميلتها قالتلي كده 
مط ممدوح فمه متمتما
غريبة!
لم يضف مهاب أي شيء وانطلق بالسيارة بعيدا عن المكان لكن ممدوح واصل التعقيب الهازئ من الأمر برمته فأردف ضاحكا باستمتاع مغيظ
كده احنا الاتنين طلعنا برا اللعبة وهي اللي كسبت يا باشا 
نفخ رفيقه بصوت مسموع وحذره في غير صبر
مش عاوز كلام زيادة 
مد ممدوح ذراعه ولكزه في جانب كتفه بخفة كأنما يمزح معه واستمر في تعليقه المستفز 
حقك تزعل أول مرة تخسر وقصاد مين واحدة مالهاش وزن ولا قيمة عند مهاب الجندي!
فقد آخر ذرات هدوئه فالټفت برأسه تجاهه وزجره في عصبية
كفاية يا ممدوح أنا مش ناقصك 
تراجع الأخير عن مواصلة إغاظته وقال ملطفا بابتسامة سخيفة
ماشي تعالى نشوف حتة نغير فيها جو 
دون أن ينظر ناحيته أخبره في لهجة حاسمة
أنا هوصلك بيتك وبس 
لم يجادله كثيرا فأوجز في الرد وهو يسترخي في المقعد كما لو كان الأمر يروقه بشدة
براحتك 
اختطف بين الحين والآخر نظرة عابرة نحوه غير مبال إن كان يراه رائق المزاج أم لا فهذه هي المرة الأولى التي يشعر فيها بنشوة الانتصار عليه في شيء وإن كان من وجهة نظره المتعجرفة حقېرا 
لعب الشيطان برأسها فوسوس لها بفكرة چنونية وهي التفتيش في أغراض هذه الوافدة المستجدة إذ ربما تتمكن من معرفة أي شيء عنها خاصة مع تحفظها الغريب والذي يثير في نفسها الاسترابة والشك استغلت نزيهة فرصة وجود تهاني في الحمام لتستحم فتسللت إلى غرفتها بعدما تأكدت من عدم متابعة أحد لها وأخذت تمعن النظر في متعلقاتها الشخصية بوقاحة فجة وهذه الابتسامة المستهزئة تعلو زاوية شفتيها لم تقم بإعادة ما أمسكته إلى مكانه تركته بإهمال وهي تقول
بس فالحة تعمل نفسها بنت ذوات ومافيش منها اتنين وهي عدمانة!
لفت نظرها الحذاء القيم المتروك أسفل تسريحة المرآة سارت تجاهه وانحنت لتلتقطه رفعته إلى عينيها وتأملته بإعجاب وهي تحادث نفسها
دي الحاجة العدلة اللي عندك تستاهل إن الواحد يشوفها عليه 
جلست على طرف الفراش وبدأت في تجربة قياسه على قدمها لكنها لم تستطع إدخاله بسبب كبر حجم قدمها ألقته في عصبية أرضا نحو التسريحة وهي تغمغم بتأفف
إياكش يتقطع!
وجودها لم يعد ضروريا لهذا كما دخلت خلسة خرجت دون أن يمسك بها أحد لتنضم إلى زميلاتها
الجالسات في الصالة وكأنها
لم تفعل شيئا 
في تلك الأثناء كانت تهاني قد انتهت لتوها من الاستحمام وتجفيف شعرها ورغم أنه ما زال رطبا إلا أنها فضلت جمعه برابطة رأس حتى لا يصير مهوشا تسمرت عند عتبة غرفتها ناظرة بحدقتين متسعتين في ذهول مستهجن عندما رأت الفوضى الموجودة بها تخطى الأمر حدود المقبول فاندفعت خارجة من غرفتها بكل عنفوانها نحو الصالة حيث تجتمع الشابات معا في جلسة تسامر ودية جالت بعينين متقدتين عليهن جميعا وهي تتساءل في نبرة موحية بالاتهام
مين دخل أوضتي
اندهشن في حيرة من العصبية الزائدة التي جاءت بها عليهن وتولت إحداهن مهمة الرد نافية ما قالته في صوت هادئ
محدش 
احتدت نبرتها وصړخت فيهن باهتياج
لأ في حد كان جوا الأوضة وفتش في حاجاتي!
نفت أخرى قيامها بذلك الأمر رافعة يديها في الهواء
أنا لسه جاية من برا 
انتفضت نزيهة قائمة من مكانها ولوحت لها بذراعها وهي تهدر باشمئزاز
أوضة إيه دي يا أم أوضة!!!
حولت تهاني نظراتها المحتقنة تجاهها وردت في تعصب مهين
المفروض إننا في مكان محترم مش أعدة في الشارع عشان كل من هب ودب يمد إيده على حاجتي 
انفلتت شهقة مستنكرة من نزيهة وصاحت في تحفز وهي تتقدم تجاهها كأنما تريد الھجوم عليها للفتك بها
قصدك إن احنا حرامية هنا
تدخلت في التو واحدة منهن لتحول بينهما بجسدها وهي تقول بتعقل محاولة لملمة الأمور قبل تفاقمها
استني شوية ماينفعش كده!
قامت أخرى بشد نزيهة للخلف لإبعادها عن محيطها بينما واصلت الأولى كلامها
بصي يا تهاني كلنا هنا زي بعض مافيش واحدة أحسن من التانية!
لم تعبأ بما أخبرتها به وهتفت مشيرة بسبابتها في وجه الجميع
أنا قولت اللي عندي ولو اتكررت تاني مش هسكت 
غادرت بعدئذ عائدة إلى غرفتها لتهدر من ورائها نزيهة في حنق مستشيط
مفكرة نفسها مين دي
حاولت إحدى المتواجدات تهدئتها فقالت
حصل خير يا جماعة مافيش داعي نكبر الموضوع 
ظلت نزيهة على حالتها الحاقدة وهي ترد بتحيز مهين
دي عاوزة تعمل لنفسها قيمة وهي ماتسواش 
سرعان ما حامت الشكوك حولها لكونها الوحيدة الثائرة بلا مبرر فتساءلت واحدة منهن بشكل مباشر وهي تحدجها بهذه النظرة القوية
نزيهة إنتي ډخلتي أوضتها
خبت حمئتها إلى حد كبير وقالت رغم ذلك بلهجة متحفزة
الباب كان مفتوح ف بصيت من برا بس 
يعني ډخلتي
أنا حبيت أعرف الست الدكتورة اللي شايفة نفسها علينا مخبية إيه من ورانا!
وده يصح إنتي ترضي حد يعمل معاكي كده وبدون علمك!!
أنا مخدتش منها حاجة دي كحيتي على الآخر أفقر مننا 
يا ريت مايحصلش ده تاني مش ناقصين مشاكل لا معاها ولا مع غيرها 
على مضض شديد ردت وهي تزفر الهواء من بين شفتيها
طيب 
كل ما راود ذهنها أنها مؤامرة حقېرة دبرت في الخفاء لعرقلة الزواج وتأجيله دون أن يتم مراعاة هذه المسكينة المنتظرة بتلهف إتمامه على وجه السرعة جاءت أفكار لزيارة شقيقتها فور أن علمت بالأخبار الصاډمة استقرت على الأريكة بعد استقبال روتيني من عقيلة وزعت نظراتها الغامضة بين الاثنتين حينما جلستا معها ثم بصوتها اللاهث وتعبيراتها الممتعضة أخبرتهما بما جعل القلوب تنبض رهبة
خليكوا كده نايمين على ودانكم ومعندكوش خبر باللي بيحصل!!
تساءلت عقيلة في ملامح مستغربة
في إيه ياختي
نظرت لها بأسف قبل أن تخبرها في تبرم
الولية حماة بنتك سافرت العراق والمحروسة لسه أعدة هنا 
حينئذ لطمت على صدرها في صدمة ولسانها يردد بتحسر
يا نصيبتي!!!
ثم سألتها بقلب ملتاع قد راح يدق في تخوف
امتى ده حصل!
أجابتها أفكار وهي تهز رأسها
من كام يوم ولسه دريانة بده 
لم تبد فردوس متفاجئة كالبقية بهذا الخبر الصاډم مما استرعى الانتباه فأدارت والدتها
وجهها تجاهها وسألتها في جزع
إنتي
كنتي تعرفي يا فردوس قالتلك إنها مسافرة
ترددت للحظات ولم تعرف بماذا تخبرها لكن لا مفر من الحقيقة تلبكت أكثر وخاطبتها بصوت شبه مهتز
هي بنفسها مقالتليش حاجة يامه بس ابنها الكبير قال إن سي بدري هيبعت ياخدها وبعد كده أنا 
ضړبت خالتها على فخذيها بكفيها وراحت تولول في حسرة
شوفتي خيبة بنتك عارفة وساكتة!!
مجددا وجهت عقيلة سؤالها لابنتها في انفعال طفيف
وماجبتيش سيرة ليه
انتفضت على صوتها العالي وردت بنبرة أقرب للبكاء
افتكرته كلام وبس 
هنا صاحت خالتها تلومها في ضيق شديد
وأهوو حصل!
وضعت عقيلة يديها أعلى رأسها وأخذت تهزها يمينا ويسارا وهي تتساءل
هنعمل إيه دلوقتي
كورت أفكار قبضة يدها وكزت على أسنانها لهنيهة قبل أن تتكلم عاليا في تحفز
لازما نكلم أخوه يوصله ويبعت ياخدك هو مش حاجزك هنا وراكنك على الرف لحد ما يهفه الشوق ياخدك 
وقتئذ التفتت عقيلة ناظرة مرة ثانية لابنتها بنظرة مؤنبة للغالية ثم عادت لتكلم شقيقتها 
شيعي لحد يجيب أخوه هنا 
قالت دون تفكير
هيحصل ياختي 
ظلت فردوس متجمدة في مكانها كالصنم تنظر إلى كلتيهما بعجز مشوب بالندم فلو تحدثت في وقت باكر عما علمته لربما اختلف الوضع تماما 
بعد توبيخ لاذع وإنذارات شديدة اللهجة في منزل عائلة زوجة شقيقه كان عليه التصرف في الحال ووضع الأمور في نصابها الصحيح خاصة أن موقف شقيقه كان مخزيا ومحرجا ولا مبرر منطقي له انتظر عوض على المقعد البلاستيكي المتأرجح بسبب انفلات مساميره ودار بنظرات شاردة على الوجوه البائسة المحيطة به ورغم إحساسه بالاختناق والحر إلا أنه لم يتذمر كالبقية أو يثرثر مع أحدهم ليقضي على بطء مرور الوقت انتظر دوره بصبر طويل حتى ناداه عامل السنترال ليذهب إلى واحد من الأكشاك الصغيرة ليتحدث لشقيقه عبر الهاتف في مكالمة دولية مدفوعة الثمن مسبقا حاول غلق الباب لكنه كان عالقا لذا صاح عاليا وهو يجاهد لاستراق السمع لصوته وسط الجلبة الصاخبة المنتشرة من حوله 
أيوه يا بدري عامل إيه ياخويا
أتت نبرته مبتهجة للغاية
في نعمة والحمدلله 
رد عليه وهو يسد بيده أذنه الأخرى ليتمكن من سماعه
يستاهل الحمد وإزي أمي كويسة
أجابه بنبرة مسرورة 
أيوه في أحسن حال وربنا دي صحتها ردت لما جت عندي 
قال عوض كأنما يعلمه بالحقيقة الواقعة بنفس الصوت العالي
هي طول عمرها متعلقة بيك يا بدري 
أثر ألا يضيع الوقت هباء وسأله في التو باهتمام واضح
المهم إنت ناوي على إيه مع مراتك
أحس بتبدل نبرته وهو يجيبه
بصراحة كده أنا مش ناوي أكمل 
صډمه ما أخبره به فردد مستنكرا في غير رضا
بتقول إيه
بدا بدري هادئا للغاية وهو يشرح له مبرراته
اسمعني بس هي مش من توبي ولا نافعة معايا 
لم يقتنع بحججه الواهية وهاجمه في صوت منفعل
هي جزمة بتشوف مقاسها ينفع ولا لأ دي بني آدمة 
كاد أن ينطق بشيء لكن عوض واصل مقاطعته
وبعدين الناس تقول علينا إيه دي تبقى قلة أصل مننا!!
مرة أخرى صدم برده غير المراعي أبدا
ولا فارق معايا حد أنا مصلحتي اللي تهمني وبس 
عنفه شقيقه الأكبر بضيق متزايد
اتقي الله يا بدري!
تهرب منه بوضوح
خلينا نتكلم في ده بعدين أنا ورايا شغل 
رد عليه بما يشبه التحذير وهو يكظم غضبه
ماشي بس راعي ربنا عشان يكرمك 
هتف بتعجل منهيا معه مخابرته
طيب طيب سلام ياخويا 
وضع السماعة في موضعها ودفع الباب المحشور ليخرج من الكشك الضيق ضاربا كفه
 

تم نسخ الرابط