حكاية كنت معاها بقلم الكاتبة شهد محمد جادالله

موقع أيام نيوز

وتخليك بعيدة عني انا أصلا مش فايقلك
دبت هي
الأرض بغيظ وغمغمت ما أن أغلق باب المرحاض
ماشي يا سونة بتتشطر عليا أنا كنت اتشطر على المسهوكة السهونة بتاعتك اللي رمتك في الحبس 
عاد بها بعد ليلة حالمة لم يكن في ابعد خيالاته أن تكون بتلك الروعة وأن يحظى بتلك الكلمة التي أحيته بها فقد أطفئ المقود ونظر لها وهي غافية بجانبه بنظرات متمعنة عاشقة ثم همس ببحة صوته المميزة وهو يزيح بأنامله خصلاتها التي تدلى على وجهها
نادين وصلنا حمد الله على السلامة
رفرفت بأهدابها حين وصلها همسه وردت بنبرة ناعمة تحمل أثر النوم
الله يسلمك يا يامن 
حانت منه بسمة ماكرة وتساءل بمشاكسه وبعيون مسبلة
يامن حاف كده
قصدك إيه مش فاهمة
يعني مفيش حبيبي روحي قلبيعشقي أي حاجة من الحاجات اللي كنت بسمع عنها دي وھموت واجربها
نكست رأسها بخجل وضحكت تلك الضحكة التي استعادت رونقها من جديد وأصبحت أكثر فتنة من ذي قبل وهمست
أنت اكتر من كل دول ومفيش كلمة هتديك حقك 
تهللت اساريره بشدة و هتف بخفة أضحكتها
ياريتك ما نطقتي قلبي حاسس بيه هيقف حتى شوفي 
سحب كف يدها ووضعه موضع خافقه لتشعر هي بصخبه تحت يدها وتقول
بعد الشړ عليك يا حبيبي
باغتها مشاكسا وهو يشدد على كف يدها 
حبيبي يالهوي عليا وعلى اليوم اللي مش هيخلص غير وهو جايب أجلي 
سحبت يدها وهدرت بخجل وهي ا
بطل رخامة بتحرجني ويلا ننزل
علشان نقفل البوابة باين عليه عم مسعد نام ونساها
نفى برأسه وقال بعيون مسبلة تهيم بليل عيناها وبتنهيدات مسهدة اربكتها
نادين طول عمري مؤدب مش كده! واظن انك تشهديلي بده وعمري ما فرضت عليك حاجة
أومأت برأسها تؤيد حديثه وهي تستغربه بينما هو أكمل بنبرة عابثة وعينه لاتحيد عن غايتها
أصل اللي هعمله دلوقتي ملهوش دعوة بالاحترام واحتمال يخليك تغيري رأيك 
بعد وقت ليس بقليل 
مچنون 
عايزك تتعودي على الجنان علشان مفيش حاجة هتقدر تحجمني وتخليني اخبي مشاعري بعد النهاردة
حانت منها بسمة باهتة لم تصل لعيناها فقد ذكرها حديثه في تلك السنوات التي
اهدرتها بتمردها عليه فحق كانت غبية بكل ما تحمله الكلمة من معنى فكيف كانت غافلة عن ذلك الشعور الرائع وعن تلك السعادة الغامرة التي تنعم بها الآن  
وبعد جلد ذاتها لعدة ثوان همست وهي تكوب وجنته بنبرة نادمة
هتغير يا يامن وأوعدك هنعوض كل اللي ضاع مننا بس أنت ساعدني واوعدني أنك مش هتسبني مهماحصل 
نفى برأسه وكأن ما قالته هو المستحيل بعينه وقال بكل إصرار دون لحظة تردد واحدة 
اسيبك ده أنت روحي يا نادين حد يسيب روحه
نمت بسمة هادئة وعقبت بنعومة
ربنا يديمك ليا يا حبيبي
تحمح هو يجلي صوته وكرر مشاكسا
حبيبي تاني لأ كده كتير عليا وأنا بصراحة مش ضامن نفسي
لأ كفاية فضايح النهاردة ويلا ندخل البيت قبل ما حد من الجيران يشوفنا 
توقف عن عبثه بمضض شديد فمازال لم يرتوي ويقسم أنه لو استمر لأخر العمر لن يكتفي منها بينما هي أبتسمت تلك البسمة الآسرة التي تأسر قلبه وتدلت من السيارة فما كان منه غير أن يتبعها غافلين عن تلك العيون القاتمة التي كانت تتربص بهم من بادئة وصولهم وظل صاحبها يتوعد لهم بأشد الوعيد 
صباح يوم جديد يحمل بين طياته الكثير لذلك العقلاني الذي لم تغفل عينه لدقيقة واحدة منذ ما حدث فقلبه يأن بين أضلعه ولم ينفك عن التفكير بها منذ الأمس وكم ناجى الله كي يرأف بها وبقلبه الذي ينتمي لها رغم قناعاته 
فكان بمزاج عكر للغاية حين حاولت شقيقته تقنعه بأن يعمل على أحد سيارات الأجرة التي يملكها جارهم بشكل مؤقت إلى أن يجد عمل بأجر أفضل فما كان منه غير الموافقة وبالفعل اليوم هو أول يوم له وقبل أن يخرج بالسيارة من منطقهم وجدها تقف أمامه وتلوح بيدها كي يتوقف تجمدت نظراته لوهلة لايستوعب كونها تغاضت عن حديثه الرادع لها بلأمس وظهرت أمامه من جديد ورغم أن قلبه ارتعش أحفالا لرؤيتها إلا أن ملامحه ظلت صامدة حين توقف وصعدت هي بجانبه قائلة باقتضاب دون أن تنظر له
عايزة اروح عين شمس لو سمحت
استغرق الأمر منه بضع ثوان كي يستوعب ما تحاول أن تفعله ولكنه فشل في فهمها لذلك هدر متسائلا 
بتعملي ايه هنا يا ميرال مش اتكلمنا امبارح
تنهدت بعمق واجابته بكل إصرار وبنبرة مقتضبة
مقتنعتش واتفضل وصلني علشان متأخرة وعندي محاضرات
ضړب كف على آخر
وقال بسخرية مريرة
أنت مچنونة رسمي 
رفعت منكبيها وردت دون لحظة تردد واحدة 
قول اللي أنت عايزه قول إني معنديش كرامة وقول كمان إني فرضت نفسي عليك وعلى بيتك وعلى حياتك بس انا مصدقت لقيتك وعمري ما هفرط فيك وبعدين أنت قولت أن دي مشكلتي لوحدي بس الحقيقة أن دي مشكلتك أنت لأنك قولتلي قبل كده إني اتحب وإن كل اللي معرفوش يحبوني العيب فيهم مش فيا وانا اتعودت أصدقك
نعم قال ذلك مسبقا وهو لا يحيد عن رأيه فياليتها تعلم أنها أصبحت تسري بدمائه سريان الډماء ولكن ماذا عن قلة حيلته ولذلك عليه أن يثبت ويدعي
عدم الفهم كي لا يفتضح أمره
يعني إيه مش فاهم
يعني تسوق وتوصلني من سكات و اعمل حسابك انك هتلاقيني مستنياك هنا كل يوم 
ومتقلقش شغل العداد بتاعك وهحاسبك زي الزباين العادية 
مرر يده على وجهه وقال بكل عقلانية
اللي بيحصل ده غلط وأنت مش مدركة الوضع كويس
أجابته هي بثقة استمدتها منه مسبقا وبنبرة تقطر بالإصرار
لأ مدركة وعارفة الوضع اللي أنت تقصده كويس يا محمد ومش فارق معايا حاجة وعندي استعداد أقف قدام الدنيا كلها علشان تفضل جنبي
حديثها لم يبدو منطقي له ولم يستوعبه عقله لذلك قال بنبرة صدرت منه حادة بعض الشيء
أفضل جنبك بصفتي أيه 
كانت تشعر بمعاناته وتشعر بتلك الحړب الضارية التي تقوم داخله وكونها تعلم أنه مازال متمسك بمنطقه وقناعاته الراسخة إلا أنها حاولت أن تؤثر عليه قائلة
مش لازم نحط مسمى خليه اللي بينا مش مشروط وأنا عمري ما هتحامل عليك ولا هفرض عليك حاجة وعلشان خاطري أدي فرصة لقلبك يقرر بالنيابة عنك 
نظر لها نظرة عميقة مطولة ورغم ذلك التشتت التي رأته في عينه إلا أنها كانت تشعر أن خلف ذلك التردد شيء يعنيها ويكنه لها فما كان منها غير أن ترسل له بفيروز عيناها نظرات مطمئنة مفعمة بالإصرار جعلته يهمس بتنهيده مثقلة وهو ينظر لأعلى يناجي ربه كي يلهمه الصواب
حرام عليك يا ميرال أنت بتصعبيها عليا
جاوبته وهي بحركة عفوية لم تتعمدها ورغم ذلك زلزلت دواخله وجعلت عينه ټغرق ببحر عيناها
صدقني أنت اللي بتصعبها على نفسك وعليا انا مش فارق معايا حاجة غيرك 
إصرارها به جعل بصيص من الأمل يتسربل لتلك القناعات ويزعزع ثباتها وعندها تذكر حديث شقيقته بشأن السعي من أجلها و أدرك أنلذلك الحد سيدعمه ويجعله يفعل المستحيل كي يكون جدير بها
لذلك قرر أن لا ينهك نفسه بالتفكير أكثر فهو يعلم ما عليه فعله
أنت مچنونة وجنانك ده معرفش هيودينا على فين 
أبتسمت وعيناها تهيم به ثم قالت بإصرار عظيم نابع من تلك المشاعر
الجارفة التي تكنها له
مش مهم هنروح على فين المهم أننا نبقى مع بعض 
تنهد تنهيدة مسهدة وأتسعت بسمته وهو يشملها بأهتمام وفيض عيناه وكم تمنى حينها أن يبوح بما يختلج بقلبه لها ولكنه منع ذاته فلن يصرح ويعطي ذلك الوعد الصريح منه إلا إذا كان جدير به وفي استطاعته مجابهته والتصدي لكافة عقباته بينما هي كانت تشعر بحالة من السلام النفسي غير عادية فلولا محادثة شهد لها بالأمس وحديثها عن مخاوفه وتلك القناعات الراسخة التي بها لم تكن تعلم فيما يفكر ولم تكن تشعر بتلك المعاناة التي تدور برأسه فحقا هي لا تكترث كونه لم يبوح لها بمكنون قلبه فيكفيها أنها ترى ذلك في عيناه وفي كافة أفعاله فهي تعشقه ولا سبيل لها من دونه لذلك يتوجب عليها أن تحترم تلك القناعات الراسخة بداخله فقد شعرت بموافقته الضمنية لها كي تظل بجواره وذلك كافي لها بل أكثر من كافي كي تشعر بالراحة والأمان  
كأس يتبعه أخر حتى أصاب بحالة من الثمالة يرثى لها وكأن تلك الطريقة الوحيدة التي تلهيه كونها جعلته اغبى رجل على وجه الأرض فمنذ تلك الليلة المشؤمة وهو يكاد يجن كي يتواصل معها ولكن لم يحدث ذلك حتى صديقتها الذي اضطر أن يسايرها كي تطمأنه عنها لم تريحه بل عاملته بطريقة فظة للغاية استفزته ولكنه صمد كي لا يجعل الشبهات تحوم حوله ولكن اليوم وكعادته في الآونة الأخيرة كان يقف أمام منزلها بصورة متوارية على أمل رؤيتها والاطمئنان عنها وبالفعل حالفه الحظ ووجدها تعود برفقة الأخر وياليته لم يراها بأم عينه حينها داخل السيارة يقسم حينها كان سينقض عليه وهو يظن أنه يتودد لها و يرغمها على ذلك ولكن لصډمته حين أمعن النظر داخل السيارة وجدها هي راضية مما جعل شيطانين الأرض جميعا تتراقص أمام عينه وهو يدرك انها كانت تتلاعب به لذلك حاك شيطانه برأسه خطة جهنمية سوف تطيح بعدوه اللدود وتجعلها تأتي تحت قدمه كي يرضى بها بعد أن يتخلى عنها الأخر 
خير يا صاحبي في أيه جيبني على ملا وشي ليه
قالها فايز وهو يجاوره
على أحد المقاعد العالية التابعة لذلك البار العريض بأحد الأماكن الليلية التي يجتمعون بها زفر طارق حانقا وأخبره بشړ
عايز منك خدمة
أجابه فايز برحابة
أنت تأمر يا طارق قولي عايز أيه
هقولك بس الأول عايزك تراقبلي ميرال وتعرفلي مصاحبة مين وايه أراره
استغرب فايز وقال متهكما
ميرال إشمعنا أنت حنيت ليها ولا ايه
نفى طارق برأسه وأخبره بعيون قاتمة تقطر بالخبث
لأ بس في دين قديم ولازم يسد وميرال هي حلقة الوصل اللي هتقضي على نادين الراوي
الثاني والعشرون
المرأة التي تسرق عقل الرجل أذكى من التي تسرق قلبه لأن الرجل لديه ألف قلب وعقل واحد
ديستوفيسكي 
بعد مرور اسبوعين
كان هو بحالة يرثى لها فبعد ذلك اليوم المشؤوم الذي باته بالحبس وهو يتوافد عليه الكوابيس المرعبة كل ليلة وقد ساءت نفسيته لدرجة كبيرة
وخاصة كونه لم يستطيع بشتى الطرق أن يجدها بعد ما حدث ولا يعلم شيء عن ابنائه مما جعله يكاد يفقد صوابه ويشعر أن شيء كبير ينقصه ورغم أن الأخرى تحاول أن تحتل تركيزه بشتى الطرق إلا انه يشعر بفتور غريب نحوها حقا يستغرب ذاته فمن كانت سابقا لا يلق لها بال ولم يهتم بها يوم أصبحت هي محور أفكاره الآن فقد أصبح لايفعل شيء سوى التفكير بها وكيف أصبحت بعد خسارتها ورغم أنه يحمل سخط عظيم تجاهها كونها صعدت الأمر ولكنه يكاد يجن ويطمئن عليها وعلى أطفاله ولكن كعادته تدخل شيطانه وبرر له انها تثير أعصابه وتثأر لكبريائها لا
تم نسخ الرابط