حكاية كنت معاها بقلم الكاتبة شهد محمد جادالله
المحتويات
يعتصر عيناه و
كنت بعاند وبكابر لغاية ما شوفتك يومها هناك حسيت إني مهما حاولت ابعد روحي متعلقة بيك وبوجودك جنبي سامحيني
وخلينا ننسى ونرجع لبيتنا ونبدأ من جديد
استكانت بين يده وكانت تستمع له بهدوء مريب استغربه كثيرا بعدما هدأت شهقاتها وتوقفت عن البكاء فظن أنها تفهمته واقتنعت بأسبابه ولكن هي كعادتها خيبت كافة أماله وفاجأته حين قهقهت پجنون وبكامل صوتها بين يديه ودفعته عن جسدها وهي تتعمد أن تذيقه مر ما أذاقها فقد هبت واقفة وابتعدت عنه راشقة أياه بعيون دامية وبنظرات مستنفرة بعدما أزاحت بأناملها دمعاتها عن وجهها قائلة بنبرة قوية لا تضاهي اڼهيارها وضعفها السابق
ذلك آخر ما تفوهت به تاركته يقف مشدوها بملامح واجمة وعيون حزينة نادمة ينظر لآثارها
استغلت تواجد ابنائها بالمدرسة وذهبت لشراء احتياجاتها من الطعام بأحد المجمعات التجارية الضخمة وأثناء سيرها ودفعها لعربة المشتريات لمحت تلك السيدة العطوف تقترب منها وتقول بود
ابتسمت رهف وردت بأدب
الحمد لله يا طنط
والولاد عاملين ايه
كويسين الحمد لله حضرتك صحتك عاملة ايه
الحمد لله نحمد ربنا
أومات رهف ببسمة هادئة وقالت وهي تسير برفقتها تستأنف لملمت ما يناسبها
ربنا يديك الصحة ياطنط مبسوطة إني شوفتك
اجابتها كريمة ببسمة بشوشة مستفيضة بكل اريحية
انا اللي حظي حلو النهاردة إني شوفتك بصراحة كنت زهقانة وقولت انزل امشي رجلي أصل مش بالعادة اجيب الطلبات دايما نضال اللي بيجبها
تنهدت بضيق عند ذكره وتذكرت حديثه الصائب الذي اخجلها من ذاتها لتبتسم بمجاملة كي تمرر الأمر وباشرت انتقاء مشترياتها بعناية ادهشت كريمة وجعلتها تتساءل
بسم الله ما شاء الله عليك يا بنتي دقيقة اوي في اختياراتك شكلك ست بيت شاطرة
اجابتها رهف
اكيد يا طنط مش عندي اطفال وبصراحة مش بحب استسهل واجيب الأكل الجاهز من برة
هزت رهف رأسها بنفي واجابتها بعفوية وبشيء من التحفظ مازالت متمسكة به
انا اتعودت انا اللي اعمل كل حاجة لولادي وعلشان كده بطبخ من بليل
لتبتسم كريمة بأعجاب قائلة
جدعة يا بنتي ربنا يقويك على ولادك ويجبر بخاطرك
تنهدت رهف وقالت بإمتنان لتلك السيدة العطوف وهم في طريقهم لدفع قيمة مشترياتهم والخروج
شكلهم تعبينك مش كده
هما تعبني بس على قلبي زي العسل أنا مليش غيرهم وعايشة علشانهم
ربنا يحفظهملك
أمنت رهف على دعواتها واقترحت بود وهم بطريقهم للخارج
لو حضرتك معكيش عربية تعالي اوصلك معايا
لو هتوصليني يبقى انا عندي طلب ونفسي متكسفنيش
تحت امرك يا طنط
هاتي
الولاد وتعالوا اتعشوا معايا
مش عايزه اتعب حضرتك
و
نضال مش في البيت عنده نبطشية وهيرجع الصبح وانا مش بحب أأكل لوحدي ونفسي متكسفنيش أنت كنت وعداني بزيارة من زمان
اصابها احراج شديد من إصرارها لا والأنكى أن تلك السيدة تفهمت ما يدور برأسها ومنحتها اجابات وافية دون سؤال منها وذلك الشيء اشعرها لسبب ما بالراحة فما كان منها غير أن توافق وتنصاع لرغبتها
جلس وحيد بغرفة مكتبه يطالع كومة الأوراق التي أمامه بنظرات خاوية فاقدة للشغف فمنذ حديث ابنته له وتركها له وهو يؤنب ذاته على حصاده الحقيقي الذي لم يثمر عن شيء سوى تلك الثروة الهائلة التي ظل يجمع بها طيلة حياته من أجلها وهو يظن أنه بذلك يمنحها ويؤمن لها كل سبل الحياة فقد اكتشف اخيرا أنه كان مقصر بتربيتها و أن أولوياته السامية بغير محلها فياليته زرع شيء آخر كان حصاده أنفع من تلك الوحدة الموحشة التي أصبحت تحاوطه الآن ولطالما كان يتخوف منها
تأمرني بحاجة يا بيه
انتشله من شروده وحالة الجمود التي أصبحت تتلبسه صوت الخادمة الوحيدة التابعة ل دعاء وقد ابقتها في القصر بحجة أنها تثق بها ثقة عمياء
تحمحم هو يزيح البؤس من صوته وأجابها
لأ تقدري تمشي
لتعقب الخادمة مدعية أسفها
على عيني يابيه بس أمي بعافية ولازم أبيت الليلة معاها إن شاء الله الصبح بدري هبقى هنا
هز
رأسه بلا مبالاة لتضيف هي
الست دعاء بتبلغك انها اختارت طقم خدم جديد للقصر وهيبدأو شغل من بكرة
لتمصمص فمها وتثرثر بنفاق
والله الست دعاء دي ست الستات وبتحبك يا بيه دي ناعية همك حتى وهي بعيد دي كل نص ساعة تتصل بيا تسألني عليك وقلقانة على جنابك
تأفف فاضل بضجر
خلاص مش عايز كلام كتير واتفضلي بقى متوجعيش دماغي اكتر من كده
لوت الخادمة فمها وردت بطاعة
حاضر يا بيه انا هتوكل على الله
لوح فاضل بلامبالاه لتغادر الخادمة وتقوم بمهاتفة دعاء تخبرها أن هيئت كل شيء كما خططوا لتحقيق مكيدتهم الغادرة
كانت مرتبكة في بادئة الأمر فهي لم تعتاد بسنوات زواجها على الأختلاط بأحد ولذلك كانت اعصابها مشدوده تتحدث بتحفظ وأقتضاب شديد ولكن عندما مر بعض الوقت وعندما استشعرت طيبة كريمة وعدم تكلفها معها ارتخت اعصابها وتعاملت بإريحية أكثر وخاصة عندما اخبرتها انها كانت على معرفة وطيدة بزوجة عمها بحكم جيرتهم وحتى انها كانت تتبادل الزيارات معها قبل ۏفاتها فقد استفاضت معها بالكثير وهم يتناولون العشاء سويا وإن انتهوا ساعدتها رهف في ضب السفرة وغسل الأطباق رغم أعتراض كريمة ولكنها أصرت لتقوم كريمة بعمل كوبين من الشاي حين انتهت وجلسوا سويا أمام التلفاز برفقة اطفالها الذي كانوا منشغلين باللعب على ذلك الجهاز الحديث الذي يشغل الألعاب فكانوا يهللون صانعين ضجة و ونس بالمنزل جعل كريمة سعيدة للغاية بوجودهم ولتلك الروح التي منحوها للمكان فكانت تطالعهم بنظرات حانية للغاية اثناء لعبهم حين قالت رهف بحرج شديد تنبه الأطفال
ياولاد عيب كده وطوا صوتكم لتوجه نظراتها ل كريمة وتستأنف
آسفة يا طنط على الدوشة بس حضرتك اللي اصريتي تشغليلهم Play Station
اجابتها كريمة مستنكرة قولها بود شديد
ابدا يا بنتي بتتأسفي ليه والله ده انا فرحتي بيكم متتوصفش
عملتوا للبيت حس
لتتنهد وتسترسل بعفوية
وبعدين سبيهم يلعبوا براحتهم عارفة لو كان نضال هنا
فركت رهف يدها بتوتر لسيرته وقاطعتها
اكيد كان اضايق
لوت كريمة فمها ببسمة بشوشة تشابه خاصة ولدها ثم استطردت متهكمة
يضايق ده كان قعد لعب معاهم وعمل دوشة اكتر منهم ما هو المخروب ده بتاعه امال انت فاكرة ايه
كبت رهف بسمتها بأعجوبة وقالت بجهل
قولت يمكن بتاع حد من ولاده
تنهدت كريمة بحزن واسترسلت بعفوية تستفيض معها
ابني ربنا ما كرمهوش بولاد
وقعد سنتين متجوز ولما مراته عرفت أن العيب منه والعلاج بتاعه هيطول زهقت و طلبت الطلاق
مهلا الأن أدركت فداحة كلماتها وأثرها عليه لتغمض عيناها بقوة ټلعن غبائها وتسرعها فهي دون أن تقصد جرحته بحديثها يا الله بكم اعتذار أصبحت مدينة لذلك ال نضال حاولت أن تظبط ردود افعالها و نظرت لها لا تعلم بما ترد أو تجيب غير
ربنا يعوضه خير يا طنط
ربتت كريمة على يدها قائلة ببسمة حانية مفعمة بالأمل
ربك كريم يا بنتي وقادر على كل شيء
أبتسمت رهف بسمة هادئة وهي تداري شعورها بالخزي واستفاضت بحرج
هو الدكتور قالك إني
قاطعتها كريمة بفطنة
قالي يا بنتي
بصراحة أنا كنت قليلة الذوق معاه اوي وحاولت اعتذرله بس هو
قاطعتها كريمة ببسمة عطوف متفهمة
نضال قلبه ابيض وبينسى بسرعة وإذا كان على العيادة هو قالي انه هيشوف شركة تانية تنفذها
ترجتها هي بشيء من الارتباك
لأ ارجوك يا طنط تكلميه سارة من يوم اللي عملته معاه وهي مضايقة مني وبصراحة انا غبية مكنش لازم اقول اللي قولته ده هو كان كلامه صح وجهة نظره اقنعتني وخلتني عايزة اشارك و انفذها
تنهدت كريمة وهزت رأسها قائلة
يبقى تقوليله الكلام ده بنفسك وهو
اكيد مش هيكون عنده اعتراض
كانت تخفي خلف حديثها نية مسبقة تنم عن امنية بعيدة تعلم أن ولدها لطالما طمح بها ولكن بالطبع رهف كانت غافلة عنها تماما لذلك قالت وهي تتنهد بقوة تحاول استجماع شجاعتها لفعلها
هكلمه بس على ضمانتك مش هيحرجني
نفت كريمة برأسها بثقة لتبتسم رهف وتستأذن منها بأدب بعدما شكرتها كثيرا قبل أن يفاجئها الصغير قائلا
مامي هو ينفع ابقى اجي ألعب مع نضال Play Station
زجرته رهف بنظراتها وعاتبته
عيب كده من امتى بننده حد كبير بأسمه
دافع الصغير برأس منكسة
هو اللي قالي ان نضال مش شتيمة وينفع اندهله بيها
هنا قهقهت كريمة قائلة
يوه سبيه يا بنتي هو نضال كده ميحبش الشكليات والرسميات وبيتعامل بعشم وشايل التكليف مع الناس كلها
بس يا طنط
من غير بس وابقى خلي الولد يطلع في أي وقت متقلقيش عليه ده هيبقى في عيوني وبعدين بلاش حساسية زايدة انا زي امك
هزت رهف رأسها بحركة بسيطة ورغم سيرته واعتقادها السابق أنه يتطفل على حياتها إلا أنها شعرت براحة غريبة لتلك السيدة العطوف التي بررت دون قصد أفعال ولدها وجعلتها تتفهم كونه لا يفعل معها ذلك عن قصد
أما عن ذلك الجشع صاحب الأطماع المتوارية فمازال الشيطان يغشي على عينه وقد اقسم أنه لن يقف مكتوف الايدي ويدع ذلك الغريب كما يدعوه أن ينتصر عليه لذلك زعق بصوت جهوري على أحد الغفر
أنت يا حسان يا جالوس الطين
هرول حسان له قائلا بطاعة وبأنفاس متلاحقة
انا چيت أها يا
بيه اؤمرني
رشقه عبد الرحيم شذرا وأمره بغطرسة
حضر العربية هنطلع الچبل
تسمر الغفير من ذلك الأمر العجيب المحفوف بالمخاطر الذي أخبره به سيده ولم يحرك ساكنا لينهره عبد الرحيم جاعله ينتفض بوقفته
هم يا چالوس الطين جبل العتمة ما تحل
إنصاع له مضطر وهرول من امامه بينما هو جلس يرتكز بذقنه على عصاه الآبنوسي ثم هدر بنبرة تقطر پحقد دفين
أنت اللي چيت لجضاك يا غريب
السادس والثلاثون
لا تؤذ قلبا رق لك يوما
فلحظات الود لها عليك الف حق و حق !
جلال الدين الرومي
حل الليل بقتامته عليه وهو يجلس مع حامد وخالها الأخر سعيد بعد رفضها وذلك الحوار المحتد الذي دار بينهم فكان شارد بملامح بائسة وكل كلمة تفوهت بها مازال طنينها بأذنه يتردد ويتردد حتى شعر أن رأسه يعج بها ألف ثورة طاحنة
روج يا ولدي وربك هيدبرها
قالها سعيد بطيبة وهو يناوله كوب من الشاي الساخن و يجاوره في جلسته على ذلك الحصير الخشن أمام داره المتواضع وامامهم حطب مشتعل تتأكله النيران مثل قلب صاحب الناعستين التي تفيض بالحزن
تناول يامن نفس عميق من ذلك العبق المميز الذي يفوح من الأراضي الزراعية ثم أخذ من يده الكوب وشكره بأدب في حين عقب حامد وهو يربت على كتفه
صل على النبي يا چوز بت عمتي الحريم كلاتهم ميچوش غير باللين راضيها بكلمتين حلوين وهي هترضى
عليه افضل الصلاة والسلام
قالها بتنهيدة واستأنف بعدها
مش بنت عمتك اللي بترضى بكلمتين يا حامد نادين زعلها
متابعة القراءة